بقلم أحمد الحسبان- الرأي-
في الوقت الذي نتسابق جميعا في الحديث عن التقدم الذي تحقق في مجال حقوق المرأة، ما زالت هناك بعض الممارسات التي تتناقض مع كل ما هو معلن. وتكشف عن خلل أساسي في نظرتنا إلى المرأة بشكل عام. والفتيات في بدايات حياتهن بشكل خاص.
وهي ملاحظات بدأت بعض الفتيات تتحدث عنها بصوت مرتفع، في ضوء نظرة مجتمعية باتت تشكل نهجا سلوكيا ، يلقي بظلاله على واقع التعامل مع بناتنا واخواتنا الفتيات اللواتي ما زلن في مقتبل العمر. واللواتي بحاجة إلى من يأخذ بأيديهن لتطوير واقعهن وتوظيف إمكاناتهن وطموحهن في أمور تساعد على تحسين مستوى المعيشة.
هناك نظرة مجتمعية تخلص إلى اعتبار أن مستقبل الفتاة ينحصر في منزلها ، وزوجها، واسرتها. وهي النظرة التي تفسرها الفتيات بانها تحد من طموحاتهن العلمية والوظيفية. ومن رغبتهن في تحقيق الذات من خلال التقدم في مجالات عديدة علمية وعملية.
ومع ان البعض من الفتيات يضطررن للتسليم بتلك المقولة، إلا ان التسليم بها لا ينطلق من قناعة. وإنما من إحساس بوجود تيار عام يجابه المرأة، ويحد من إمكانية تمكينها من تحقيق ذاتها.
وبالتالي تيار مجتمعي تعتقد انه يغتصب حق المرأة في تحديد أولوياتها ، ورسم مستقبلها. بحيث يكون المستقبل مربوطا بالزواج. وبالبيت، وإنجاب الاطفال.
ولكي لا نغرق في الامور النظرية، نقول أن هناك إحساساً بأن تلك النظرة المجتمعية، تفضي إلى ظلم كبير بحق المرأة. خاصة وانها تنطلق من فرضية عامة، لا تفرق بين سيدة واخرى. ولا بين فتاة مبدعة ، واخرى أقصى طموحها الحصول على شهادة جامعية أو غيرها. تماما كما هو الحال بالنسبة للشباب الذكور، الذين يتوقفون عند حد معين من الطموح.
فهناك فتيات مبدعات لديهن القدرة على تحقيق ذواتهن من خلال التعليم ، والحصول على شهادات عليا. لكن الأسرة لا تعطيهن الفرصة لتحقيق ذلك.
والاخطر من ذلك كله ، أن الأسرة تنحاز إلى الذكر ، وتعطيه الاولوية في استكمال الدراسة ، أو في مجال البحث عن الوظيفة ، او غير ذلك، بحجة أن» مستقبل الفتاة بيتها وزوجها». وان على أية فتاة ان تجلس بانتظار الزوج ، بدلا من تحديد أولوياتها بنفسها. سواء أكانت دراسة ، أو وظيفة ، او مشروعا خاصا ، أو غير ذلك من أمور تتعلق بمستقبلها.
اللافت أن من يطلقون هذه الفرضية يلغون من قاموسهم أن تطبيقها لا يتعارض مع منحهن الفرصة لتطوير أنفسهن. واكثر من ذلك ، فإن إفساح المجال امامهن لتطوير الذات قد ينع.... إيجابا على واقع اسرهن. بيتا وزوجا وأسرة.
فحصول الفتاة على الشهادات العليا ، من شأنه أن يحسن من واقعها الاسري ، زواجا ، وبيتا ، واطفالا. بدليل وجود المئات من السيدات المبدعات اللواتي طورن واقعهن العلمي والوظيفي. وفي الوقت نفسه أصبحن ربات بيوت وزوجات متميزات. ما يعني أن المراة تستطيع أن تنجح في تحقيق ذاتها على أكثر من مسار ، وأن الزامها بمسار واحد يمكن أن يكون ظلما يقع عليها. وجريمة ترتكب بحقها. من قبل اقرب الناس لها.