كان منهكاً جداً ذلك اليوم وما لبث أن وصل منزله حتى بدأ بخلع نعليه سريعاً للاستلقاء على مكانه المخصص لمشاهدة التلفاز، وصله طعامه الساخن الشهي فبدأ على الفور بمضغه بفرحة شديدة مما شجع زوجته على استغلال اللحظة وسؤاله: ألن نخرج الليلة؟ فأجابها: أعذريني يا روحي فأنا مسطول.
شعرت زوجته بشدة تعبه فبادرت بسؤاله: أتود شرب شيء؟ هل أحضر لك شيئا من المطبخ؟ ما رأيك بفاكهة ما؟ فأجابها بتثاقل: أدامك الله لي يا زوجتي الحبيبة، لا أريد أي شيء، أريد فقط أن أستلقي لأنني مسطول، فاقترحت عليه أن يذهب لغرفة النوم كي يكون مرتاحاً أكثر فقال لها إذا نمت اتركيني هنا وإن صحوت ليلاً سأنتقل لغرفة النوم.
غط في غفوة حتى استيقظ في منتصف الليل ليجد خبراً على التلفاز يعلن قرب وصول أسطول الحرية إلى شواطئ غزة، وكاد يبكي حين رأي جالية ما مكونة من نساء ورجال مجتمعين يدعون ربهم فتمنى أن يكون بينهم وهمّ بالدعاء لكنه تثاءب فأطفأ التلفاز وانتقل مسرعاً لغرفة النوم كي لا يطير النوم من عينيه لأنة فعلاً مسطول.
ما أجمله من سبات … ذاك السبات الذي يأتيه الإنسان مسطولاً ويستيقظ منه مرتاحاً يشدّ يديه ويطقطق رقبته وظهره ثم يذهب للحمام تلبية لنداء الطبيعة، وما إن يخرج حتى يلاقى أحن زوجة في العالم قد حضرت له الفطور ووضعته له أمام التلفاز فيأتي صاحبنا ويقول: يا الله كم كنت مرهقاً مسطولاً.
أخذ يقلب قنوات التلفاز وصولاً للأخبار التي أعلنت استشهاد بعض من في أسطول الحرية وجرح البعض والاستيلاء على جميع السفن بدون حق، فاستشاط غيظاً وامتلى حزناً وبدأ يلوم نفسه ويشكي لزوجته كيف لم أشعر بأن ذلك قد حصل؟ كيف لم يوقظني أي شيء أثناء حدوث ذلك؟ فقالت الزوجة: لا تقسوا على نفسك فأنت قد كنت متعباً جداً ومسطولاً نائما، وهل يحس النائم أو يسمع؟
استطاعت زوجته احتواءه فأكمل فطوره وتطيب بأفخر العطور لديه ليغير نفسيتة فيذهب إلى عمله منتعشاً.